المهارات الحياتية: راسب cover

متفرقات

المهارات الحياتية: راسب

هبة عوطة هبة عوطة picture

هبة عوطة

المدرسة والجامعة مصدران مهمّان لتلقّي المعلومات الجوهرية حول مختلف المواضيع، ولكنها تفتقر لتعليم دروس في الحياة في غاية الأهمية.

الحياة: ما زلت أنتظر الخطة!
أنا: لكن الأمر يبدو في غاية الصعوبة، وليس لدي أدنى فكرة بما يجب فعله. إنني عالق!
الحياة: ماذا تقول؟ لكنك متعلّم. هل تعلم ما يعني ذلك؟ يعني أنك كنت يومًا ما تلميذًا في مدرسة، والمدرسة تزوّدك بكل ما تريد معرفته في الحياة.

في تلك اللحظة، شعرت بأفكارٍ ضبابيّة.
بدأت تأكلني الحيرة…..امتلأ عقلي بضجيج غير مسبق.

المدرسة علّمتني كل شيء …..ولم تعلمني شيئًا على الإطلاق!

لا يسعني أولًا إلا أن أقدّر أهمية التعليم، كونه ركن أساسي من أركان المجتمع. فالمدرسة والجامعة مصدران مهمّان لتلقّي المعلومات الجوهرية حول مختلف المواضيع، ولكنها تفتقر لتعليم دروس في الحياة في غاية الأهمية.

بالمقابل، ما أغنى المنهج التعليمي لو دمج معه وأضيف له:

صفوف للمهارات الحياتيّة المهمّة التي سيحملها التلاميذ معهم بعد تخرّجهم من المدرسة، لضمان النجاح في الحياة المهنيّة والإدارة الرشيدة للعلاقات. بهذه الطريقة، يصبح شخصًا ذا خبرة في التعامل بكافة المجالات. بعض هذه المهارات تتجلى في: النمو الشخصي، وعلاقات التواصل، وإدارة الأموال، والذكاء العاطفي، بالإضافة إلى كيفية التعامل عند الرفض، وقبول الفشل، وأهمية الصحة النفسية.

أنا لا أشجّع على إلغاء النظام التعليمي بأكمله، بل على تعديله. على سبيل المثال، لماذا لا نتحدث عن عمليّات الاحتيال في قطاع الاستثمار، وعن كيفية اختيار التأمين الصحي المناسب، وعن أنواع الاستثمارات غير المناسبة، والمسؤوليات المالية في صف الرياضيات؟

لما كان الأمر متعلقًّا بالمعلومات العامة، علّمتنا المدرسة حفظ المعلومات والشعور بالخوف والارتباك إذا ما نسينا حرفًا، وإلا فشلنا فشلًا ذريع بالامتحان. من الجيد العمل على عامل الذاكرة، أفهم ذلك…لكن، أين الجزء الذي يتعلق بالإبداع؟ إن عملية استرجاع كل المعلومات المحفوظة الموجودة في الكتب والحصول على درجة امتياز لمجرد أنك كتبت الفقرة كاملة دون أي حرف ناقص ليست بالإنجاز المشرّف الذي ستشكرك عليه نفسك لاحقًا. أين مهارات التفكير المنطقي والتحليل؟ أين مهارات حلّ المشاكل؟ هذه هي المهارات المعرفيّة الحقيقيّة التي سنطبقها على أرض الواقع ونستخدمها في حياتنا اليومية.

لسوء الحظ، أنت كطالب لم تفهم كلمة من الفقرة التي حفظتها. صح؟

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ للجامعة نصيب كبير في كل هذا، فحالها ليس أفضل من المدرسة.

عندما كبرت أدركت أن الجامعة لم تكن بالمكان الصحيح والآمن لتهيئنا لميدان العمل. فهي كانت تدَّعي أنها تسلّحنا وتزوِّدنا بالمعلومات الكافية للاندماج بسوق العمل. لكنها كانت في الواقع تشوّه صورة توقُّعنا للحياة من خلال مبدأ حرصها على نيلنا أعلى العلامات. من السهل والمعقول نيلك علامة ممتازة في الجامعة من المرّة الأولى عند درسك جيّدًا للمادة، لكن لا يسعك تطبيق الأمر نفسه بالحياة. لا يمكنك اجتياز امتحان الحياة من أول مرة بدرجة امتياز.

"لتتعلم كيف تنجح، يجب أن تتعلم أولًا أن تفشل". - مايكل جوردون -

هذه بيانات توضّح وتدعم ما أقول، تابع القراءة.

عانى العبقري ألبرت أينشتاين - الفيزيائي الحائز على جائزة نوبل - من العديد من الإخفاقات قبل معرفة طعم النجاح:

١٩٠٥: خطأ في أول برهان لمعادلة E = mc2
١٩٠٦: أخطاء في البراهين الثانية والثالثة والرابعة لـ معادلة E = mc2
١٩٠٧: خطأ في نظرية تمدد الزمن
١٩١١: خطأ في الحساب الأول لانحناء الضوء
١٩١٣: خطأ في المحاولة الأولى لنظرية النسبية العامة
١٩١٤: خطأ في الدليل الخامس لمعادلة E = mc2
١٩١٥: خطأ في تجربة أينشتاين دي هاس
١٩١٦: خطأ في تفسير مبدأ ماخ

١٩١٧: خطأ في تعريف الثابت الكوني (الخطأ الفادح الأكبر)
١٩١٩: أخطاء في محاولتين لتعديل نظرية النسبية العامة
١٩٢٥: أخطاء كثيرة في محاولات صياغة نظرية موحدة
والقائمة تطول……….

عندما نتكلم عن النجاح، ندرك أن المدرسة درّبتنا على الفشل في أرض الواقع. درّبتنا على امتلاك عقليّة مفادها أن بذل أيّ مجهود سيجلب لنا حتمًا نتيجة ناجحة. لكن في الحقيقة، الواقع لا يعترف بهذه النظرية. لنأخذ هذا المثال الواقعي: عندما يتم رفض طالب لوظيفة ما لأول مرة، سوف يعتقد مباشرة أنه يفتقر لشيء ما في شخصيته وليس جديرًا بهذه الوظيفة. سوف يشكّك بنفسه وبالعلامات المتفوِّقة التي حصل عليها، ويقلّل من شأن نفسه، وبالتالي يفقد ثقته بنفسه تمامًا. لم يُهيّئ الطالب نفسيًّا لهذه الخطوة، لأن المدرسة علّمته أن امتلاكه لدرجات امتياز تخوّله بالتأكيد الحصول على أيّ وظيفة في العالم. ولكن مجرد أن يصطدم الطالب المتفوّق بالواقع الحقيقي، يدرك عدم قدرته على تطبيق ما تعلّمه.

…. أما حجم الصدمة الفعليّة والأكبر هي أنه كان يحقق نتائج ممتازة لمدة ١٢ سنة بعد كل محاولة أولى. فلماذا لا تعمل الحياة بالطريقة نفسها؟ هذا أكبر دليل أن المدرسة والجامعة لا تهتمّان بنموّنا الشخصي ولا بكيفية الشعور بالرّضا عن نفسنا على الرغم من الواقع القاسي. لقد تعلّمنا أن نجعل المحيط الخارجي يتحكّم بمشاعرنا الداخليّة.

أخيرًا و ليس آخرًا، هل أنت موافق أن نظامنا التعليمي في حاجة ماسة للإصلاح؟ بهذه الطريقة، يمكننا التغلب بشكل دائم على أي نوع من الأزمات في هذا العالم. بالنهاية، كل شيء يبدأ مع مجتمع مثقَّف وواعٍ.
لا تنس!! هناك العديد من الفرص، فإذا لم تنجح من المرة الأولى وأخفقت، لا تبالي، انتقل إلى الفرصة الثانية واغتنمها.
المهم أن لا تستسلم