المصائب لا تأتي فرادى cover

متفرقات

المصائب لا تأتي فرادى

محمد قليلات محمد قليلات picture
تعد قرصنة الكتب من أكبر الصعوبات التي تواجه دور النشر، بالإضافة إلى المعوقات الكثيرة التي تعاني منها، حيث إن القرصنة تلغي بعرضها الكتب مجانًا جهد الباحثين والمؤلفين الدؤوب على مدى سنوات لإصدار كتاب متكامل يستفيد منه الناس.

بينما يتّحد العالم بأسره لمواجهة أخطار فيروس كورونا؛ الذي ألقى بظلاله الكارثيّة على البشريّة جمعاء، ومناها بخسائر فادحة حسّيّة في الأنفس والأموال، ومعنويّةٍ في تقطيع أوصال المجتمعات وشرذمتها إلى أفراد، تواجه دور النشر في العالم العربي ومنذ زمن تحدّيًا إضافيًّا لا يَقلّ خطورةً عن الكوفيد 19، والذي يهدِّد بدورِه ديمومة هذه الصناعة واستمرارها؛ فتزوير الكتب وقرصنتها سرطانٌ ينهش لبّ هذا الفنّ، ويقوده إلى الموت المحتّم، ما لم يتدخّل المعنيّون ويجدوا لقاحًا ناجعًا لوقف تآكل هذه الصناعة.

وللوقوف على خسائر هذا القطاع وتأثّره بجائحة كورونا، قام اتحاد النّاشرين العرب منذ أكثر من سنة باستبيانٍ شارك فيه 292 ناشرًا من 16 بلد عربي، لتأتي نتائجه الكارثيّة على لسان أمين عامها الأستاذ بشار شبارو قائلًا: "النتائج كشفت عن أزماتٍ جديدة وأخرى قديمة تفاقمت خلال الأزمة الحالية، فالمبيعات انخفضت بنسبة تصل إلى 74 % خلال الربع الأول والثاني من عام 2020 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، واضطرّت نسبة 75 % من المشاركين في الاستبيان لوقف التعامل مع المؤلفين، وأوقف 50 % إلى 67 % من الدور المشاركة في الاستبيان التعامل مع المصمّمين والمراجعين اللغويّين والمترجمين وتجّار الورق، واستغنت عن 34% من موظفيها".

المصائب لا تأتي فُرادى، فتزامنًا مع ما تقدّم، يئنّ قطاع النشر تحت وطأة آفة التزوير وجرائم القرصنة منذ زمن، ليس فقط تزوير بالطباعة الورقية، بل أضف إليها القرصنة الإلكترونيّة. هذا الواقع يكبّد الناشرين خسائر بالملايين سنويًّا أمام ضعف القوانين، والعقوبات المترتّبة على هذه الجرائم، ممّا يجعل المزوّرين يستهينون بحقوق الملكية الفكرية، ويمعنون الضرر في هذه الصناعة.

ختامًا، إيمانًا منّا برسالة الكتاب باعتباره السجلّ الحيويّ للتاريخ والمعرفة الإنسانية، وهو الوسيلة الأساسية التي من خلالها تنتقل المعالم الأساسية للحضارة من جيل إلى جيل، فإنّنا ندعو المعنيين والمسؤوليين للتدخل الفوري والسريع والوقوف إلى جنب هذه الصناعة وأهلها لانتشالها من الهاوية حفاظًا على الحضارة العربية وتراثها، وصونًا لتاريخ وحاضر ومستقبل أمّتنا.